عائلة السلالمية
عائلة السلالمية
عائلة السلالمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عائلة السلالمية

الموقع الرسمى لعائله السلالميه بالفيوم وشمال سيناء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 141
تاريخ التسجيل : 08/12/2010

من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)  Empty
مُساهمةموضوع: من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)    من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)  Icon_minitimeالأحد ديسمبر 12, 2010 5:33 am


من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)
بقلم: يحيي الشاذلي
/*This script is written by Eric (Webcrawl@usa.net)For full source code, installation instructions,100's more DHTML scripts, and Terms OfUse, visit dynamicdrive.com*/function printit(){ if (window.print) { window.print() ; } else { var WebBrowser = '';document.body.insertAdjacentHTML('beforeEnd', WebBrowser); WebBrowser1.ExecWB(6, 2);//Use a 1 vs. a 2 for a prompting dialog box WebBrowser1.outerHTML = ""; }} من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)  Printطباعة
السلام عليكم

في هذا المقال نكمل الجزء الأخير من مقدمة كتاب “من إعجاز القرآن في أعجميالقرآن” وفيه نوضح من أسلوب القرآن الكريم في تفسير الأعلام الأعجميةومنهج الكاتب في تحري هذه المعاني وتفسيرها بلغة أقوامها وفي المقالاتالقادمة نعرض تفسير الأسماء بالتفصيل إن شاء الله....

مع تحياتي
أستاذ/ ولاء الشاذلي



من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن
العلم الأعجمي في القرآن مفسراً القرآن
المؤلف/رؤوف أبو سعدة
******

طرق تفسير الأعلام الأعجمية في القرآن

****

للقرآن في تفسير علمه الأعجمي طرائق شتى، وقع لي بفضل من الله ونعمة استظهار ست منها وهي :
1- التفسير بالتعريب (ومثاله” ميكال”)
2– التفسير بالترجمة (ومثاله “ذو الكفل”)
3– التفسير بالمرادف( ومثاله “موسى”)
4- التفسير بالمشاكلة (ومثاله “زكريا”)
5- التفسير بالمقابلة (ومثاله” عاد”)
6- التفسير بالسياق العام( ومثاله “لوط”).

وقد تجمتع في تفسير علم واحد أكثر من أداة ، فيفسر مرة بالترادف، ويفسر أخري بالسياق العام، الخ .، بنفس المعني أو بقريب منه.

*****

أما التفسير بالتعريب فهو تعريب العلم الأعجمي علي وزن عربي يفيد بذاته أصل معناه في لغته.
من ذلك أن القرآن في “ميكائيل” (وتنطق كافها في العبرية خاء لتقدم الياءعليها كما مر بك) لا يعربها علي “مكئال”، ولا علي “مكئيل” ولا علي “مئكال”، وإنما يعربها علي “ميكال”، فيصيب التعريب ويصيب المعني في آن واحد ، كماستري. وشرط إمكان التفسير بالتعريب، اتحاد الجذر في اللفظين ، الأعجميوالمعرب. ولا يتسنى هذا إلا في لغتين من نفس الأسرة اللغوية، كما هو الحالفي اللغتين العربية والعبرية.

ويتعين التنبيه إلي أن “التفسير بالتعريب” ليس هو التفسير بالترجمة:التعريب كما مر بك هو استبقاء اللفظ الأعجمي في صورته الأعجمية بعد تهذيبهعلي مقتضي مخارج أصوات العربية وأوزانها ، من مثل “جيورجيوس” التي عربتإلي “جرجس” ، باستبقاء أحرف الاسم الصحيحة (ج- ر- ح- س) والاستغناء عماعداها، فاستقام نطقه علي وزن عربي، أي أصبح الاسم الأعجمي عربيا بصورته،وإن بقي أعجميا بمعناه ، إذ لا معني للفظ “جرجس” في العربية، لأن اللغتيناليونانية والعربية ليستا من نفس الأسرة اللغوية، فلا تفهم معني “جرجس”إلا أن يقال لك إن أصلها في اليونانية “جيورجيوس” وأن معني “جيورجيوس” هذهفي اليونانية “الحارث” ، أعني أنك في التعريب تبقي محتاجا إلي من “يترجم”لك، أما إن ترجمت الاسم العلم إلي معناه في لغتك ، غير عابئ بأصل صورته فيلغته، كأن تسمي “جيورجيوس” باسم “الحارث” مباشرة فقد أصبت “المعنى” وفاتك”المبنى”، وينتج عن هذا أن من يسمعك تقول “الحارث” لا يدري إن كنت تقصدرجلا عربيا اسمه الحارث، أم تقصد رجلا يونانيا اسمه “جيورجيوس” ترجمت أنتمعناه إلي “الحارث”.
من ذلك في القرآن “ذو الكفل” ، الذي لا خلاف علي عربيته مبني ومعني ولامجال لاشتقاقه من العبرية أو الآرامية ، فتتوقف فيه : هل هو نبي عبربي لمتتحدث عنه التوراة ، أم هو علم من أعلام التوراة، نص القرآن علي معناه،ولم ينص علي مبناه، وسيأتي.

أما لماذا يعمد القرآن أحيانا إلي التفسير بالترجمة ويهمل التعريب ، فهذا إعجاز من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول “العلم”، أصل كل إعجاز في القرآن،
والوجه الثاني تحاشي التعريب حين تفيد الصورة التي يعرب عليها الاسم عكسمعناه في لغته، مثل “يشوع” بمعني “الناجي” في العبرية (عيسى في القرآن)المعدول عن تعريبها “يسوع” (كما فعل المترجم العربي في الأناجيلاليونانية) لأن “يسوع” معناها في العربية “الهالك”.
وأما الوجه الثالث فهو خصيصة من خصائص لغة القرآن : تحاشي الوحشي وتحريالجمال. ولو علمت أصل “ذي الكفل” في التوراة لأدركت ما أعني، ولما جوزتفيه إلا الترجمة . وسيأتي.

التفسير بالتعريب والتفسير بالترجمة ، هو كما تري متضمن في بنية الاسمذاته، معرباًَ أو مترجما، لا يحتاج من ثم إلي مزيد بيان، فلا يفسر بغيرهمامن أدوات التفسير الست في القرآن: الترادف، والمشاكلة ، والمقابلة ،والسياق العام.

أما التفسير بالمرادف،فهو الإتيان بالعلم الأعجمي علي التجاور مع مرادف له في العربية يفيدمعناه في لغة المتسمي به، كما رأيت من قبل في “ملك/رسول” وكما رأيت في“شيطان/عدو”. ولا يشترط في المرادف العربي أن يأتي علي صيغة إسمية تفسرمعني العلم الأعجمي ، كما في “موسى” ، ومعناها في المصرية القديمة “وليد”، تجدها في : {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَامِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18) سورة الشعراء، وإنما قد يأتي المرادف أيضاعلي صيغة جملة إسمية أو فعلية، كما في: { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنيَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا َ} (9) سورة القصص، والمقصود فيالحالتين “موسى” ، المحذوف لدلالة السياق عليه . وسيأتي . من ذلك أيضا“إسحاق” في قوله عز وجل : {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْفَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ } (71) سورة هود،

وفي ميلاد مريم عليها السلام: { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىوَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّيسَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } (36) سورة آل عمران.

وكما في قوله عز وجل : {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ } (43) سورة آل عمران وسيأتي بيان هذا كله في موضعه إن شاء الله .

وليس التفسير بالمرادف كالتفسير بالترجمة كما لعلك حدست: في التفسيربالمرادف يظهر العلم الأعجمي إلي جوار مرادفه العربي الدال علي معناه. أمافي التفسير بالترجمة فالعلم الأعجمي يختفي تماما في كل القرآن، ولا يظهرفي القرآن إلا باسمه العربي ترجمة، كما ستري في “ذي الكفل”.أما التفسير بالمشاكلة، فهو ذلك الجناس المعجب الذي مر بك من قبل في قوله عز وجل : {كهيعص
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (1) سورة مريم ، بين “زكر”العبرية ، “ذكر “العربية ، لا فرق بينهما إلا إبدال الزاي العبرية ذالا،مع اتحاد المعني. إنه فرع من التفسير بالمرادف ، ولكنه ليس هو ، لاتفاقالمرادف العربي مع مرادفه العبري في اللفظ والمعني، لا في المعني فقط.والتفسير بالمشاكلة ليس هو أيضا التفسير بالتعريب، لأن المفسر بالتعريب لايظهر في القرآن إلا بصورته المعربة، كما في “ميكال”، أما المفسربالمشاكلة، مثل “زكريا” فيظهر بصورته المعربة هذه، مفسرا بغيرها.

وأما التفسير بالمقابلة- والمقابلة هي “الطباق” عند أهل البديع- فهي الاتيان بالعلم الأعجميمقابلا بعكس معناه، أي أنها عكس الترادف تماما. من ذلك في القرآن “عاد”قوم هود، وهي في العبرية- الآرامية من “الأبد” ، “الخلود” ، و” عدني”عبرياُ بمعني ما زلت وما أزال. ولكن القرآن يقول: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَعَادًا الْأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} (51:50) سورة النجم، أي أنهسبحانه أزال الباقية الخالدة التي لا تزول ، فيفسرها بما آلت اليه .وسيأتي.

أما التفسير بالسياق العامفهو أنك تستخلص من سياق الآيات وصفا لبطل الحدث المروي في القرآن، يلابسهويلازمه حتي تكاد تسميه به، وإذا هو نفسه معني اسمه العلم في التوراة.
من ذلك اسم “لوط” ومعناه بالعبرية “محجوب”، الذي تجده مفسراُ بالمقابلة فيقوله عز وجل: {وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ قَالَ إِنَّهَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (67-68) سورة الحجر.
ولكنك تجده أيضا مفسراً بالسياق العام أو الجو العام الذي توحي به إليكالآيات التي تصور لك لوطاً وهو “يراود” عن ضيفه ولا يملك ما يدافع به إلاأن يفتدي ببناته فلا يقبل منه، ويهمون به ليبطشوا به إلا أن يخلي بينهموبين ضيفه هؤلاء ليفعلوا بهم ما أرادوا، ويجزع لوط أشد الجزع وقد غلب عليضيفه فيتوجع: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىرُكْنٍ شَدِيدٍ} (80) سورة هود ، ولكن ضيفه يهونون عليه : {قَالُواْ يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ } (81) سورة هود،ولكن الملائكة المكرمين لا يحاجزون عن لوط، ولا يبطشون بالكفرة الفجرة ،فلم تحن بعد ساعتهم، بل يضربون بينه وبينهم بحجاب، فتغشي الذين ظلمواالظلمة : { فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } (37) سورة القمر فيحتجب منهم لوطكما تحتجب الملائكة ، ويضرب الليل بأستاره علي القرية المجرمة، ويمضي لوطفي ساتر الليل متبعاً ما أمر به: { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَاللَّيْلِ} (81) سورة هود. لينجو بسحر : { إِلَّا آلَ لُوطٍنَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنشَكَرَ} (35-34) سورة القمر، ولا ينجلي الليل عن القرية إلا وقد صبحهمعذاب مستقر: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} (38)سورة القمر. وهلك الظلمة ردما وعميانا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِيسَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَفَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةًمِّن سِجِّيلٍ}(72-74) سورة الحجر، هذا الحجاب المضروب علي لوط في إفلاتهمن بطش الذين كفروا، وفي فراره من القرية الظالم أهلها، حجاب باطنه منقبله الرحمة، وظاهره من ورائه العذاب ، ولذلك قيل له : {فَأَسْرِبِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَيَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } (65) سورة الحجر أي النجاء أمامك، وكل ماوراءك هالك ، فاجعل الوقم وراءك ، ولا تلتفت. هذا الجو العام، الذي توحيهالآيات ، سمة يتفرد بها القصص القرآني من دون كل قصص: الحدث المروي فيالقرآن لا يسرد عليك كما يسرد الخير ولكنه- علي خلاف ما تجد في التوراةوالإنجيل- يبعث لك من غياهب التاريخ حيا نابضا مشخصا، وإذا أنت في قلبالحدث، تسمع وتري، وقد طويت المسافات واستدار الزمن.

********

والذي يجب التنبيه إليه أن التفسير القرآني لأعلامه الأعجمية ، أيا كانتأداة التفسير المستخدمة ، تفسير به خفاء، ليس هو خفاء التطابق بين المفسروالمفسر به ، فالتطابق تام، ولكنه خفاء القصد ، لأن النسيج القرآني نسيجمحكم، بالغ الإيجاز ، برئ من الحشو والافتعال، كل لفظ فيه موزون بميزان ،معناه مطلوب لذات معني الآية، واللفظة أو العبارة المفسر لمعني الاسمالعلم جزء في هذا البنيان المتضام المتكامل، أو أداة لتصوير الحدث نفسه،لا لتفسير الاسم، فلا تفطن إن كنت لا تعرف لغة الاسم العلم لوجه “التناسب”بين المفسر والمفسر به، أو لوجه المشاكلة بين هذا وذاك، كما تجد في تفسيراسم “إسحاق” بقوله عز وجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْفَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ } (71) سورة هود، فالعبارة هنا تعطيك وقائعالحدث المروي عليك بالكلمة والصورة باختصار بليغ اقتضي من كتبة التوراةعدة أسطر، دون أن يلم “سفر التكوين”(تكوين 18/9-15) بكل ما ألمت به تلكالألفاظ الخمسة من سورة هود، فقد سقط منها علي سبيل المثال اسم المبشر به“إسحاق” فتنتظر إلي الإصحاح 21(2-5) كي تعلم أن إبراهيم هو الذي سمي ابنه“إسحاق”، وان امرأته سارة قالت في تفسير الاسم :” قد صنع إلي الله ضحكا.كل من يسمع يضحك لي” . ولكنك أمام تلك الألفاظ الخمسة في القرآن بمحضر منمشهد متكامل: تري سارة قائمة تخدم ضيف إبراهيم، وتفهم بغير كلام أن الضيف( وهم وفد من الملائكة صلوات الله عليهم) قالوا شيئا ما يتعلق بسارة رضيالله عنها، ضحكت له عجبا وحياء، فأعيد عليها القول، فتفهم أن الذي قالوهقد كان بشارة بالمحال وقوعه لعجوز عقيم أيأستها السنون، وكأن الملائكةقالوا: “ضحكت يا أم ضحاك؛”، تسمية من الملائكة للمولود المبشر به، ولكنكلا تفطن لوجه التناسب بين “ضحكت” و “إسحاق” ، لأنك لا تعلم أن “إسحاق” هي“ضحاك” ، كما لا تفظن لوجه المشاكلة في عبارة من مثل: أحسنت يا حسن؛ إنقيلت لك بالانجليزية هكذا : "'Well-done, Hassan".

ولكنك علمك بلغة الاسم العلم لا يكفي وإن كان شرطا أول ، لأن القرآن لايفسر لك أعلامه الأعجمية بمثل تلك الصورة المباشرة الفجة: أحسنت يا حسن؛فلا يقول لك مثلا: “وامرأته قائمة فضحكت ولذا سمينا “إسحاق” ، حتي يستثارفضولك إلي معرفة معني “إسحاق” في لغة إبراهيم وسارة ، ولا يقصد إليالتفسير قصدا كما فعل كتبة التوراة، فيخطئ الكاتب ويصيب، كما رأيت فيتفسير اسم حواء الذي تصدي الكاتب لتفسيره فقال: “ودعا آدم اسم امرأته حواءلأنها أم كل حي” (تكوين 3/20) ، يريد أن اسمها أخذ من “الحياة” : ( وإنكان آدم أول الأحياء من البشر كما تعلم). القرآن لا يعلل لك تسمية إسحاقبضحك سارة، فضحكها واقع وقع، وجزء لا يتجزأ من صور الحدث المروي عليك،ملتحم بالمعني العام للآية، لا حشو ولا افتعال، ولا خروج عن قصد، بل تاتيالعبارة سلسلة، ويجئ “إسحاق” في موضعه، غير مقحم ، فتظن أنت أن التفسيرعارض عرض، بعد علمك بأن “إسحاق” هي “ضحاك”، لا مدخل له البتة في مقصودالآية، فلا تلتفت إليه. ولكن هذا الذي لا تلتفت إليه يتواتر في كل علمأعجمي مذكور باسمه أو بكنيته في القرآن. فتتساءل أمقصود هو أم غير مقصود؟أم أنه الإعجاز البياني الذي يؤلف بين الألفاظ والصور علي هذا النسقالمتناغم المتجانس لا يراد منه إلا هذا؟

وأنا لا أقول إن المقصود هو هذا أو ذاك، فلا يملك مخلوق تقييد مقاصدالخالق عز وجل، وإنما الذي أقوله لك هو أن لإعجاز القرآن وجوها هذا أحدها:إنه دليل العلم، ودليل القدرة.

*****

ثمة محاذير في تفسير معني العلم الأعجمي من القرآن وبالقرآن، وأهم هذه المحاذيرألا تقع فيما وقع فيه بعض قدامي المفسرين ، كأن تقول إن “يوسف” من الأسف ،معتلا بالمشاكلة والتجاور بين اللفظين في قوله عز وجل علي لسان يعقوب: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } (84) سورة يوسف، دون أن تمحص معني “يوسف” منالعبرية نفسها ، وكأن “يوسف أصلها “يؤسف” لأن يوسف كان سببا في أسف أبيه.هذه تخريجات لا تفيدك شيئا، لأن “أسف” العربية ليست بالضرورة جذرا مشتركابين اللغتين، بل هي بالأحري من جذر عربي آخر لحقه القلب والإبدال: إنها فيالعبرية من “ضفا” العربية بمعني نما وكثر، وهي أيضا من ضاف/يضيف العربيةبمعني أماله إليه وضمه وأضافه، وأيضا آواه واستضافه. وهذا كله لا صلة لهبالأسف الذي تعنيه مادة” آسف” العربية.

والذي أقصده من هذا ألا تتلمس معني العلم الأعجمي مستدلا عليه بقرينةالتجاور وحدها ، فالتجاور ليس هو بالضرورة “الترادف” ، وإلا خبطت خبطعشواء فظننت أن “إسحاق” بمعني” العلم” في اللسان العبراني، مستدلا علي ذلكبتواتر وصف “إسحاق” بالعلم في القرآن مرتين: {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْإِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} (53) سورة الحجر، ، {فَأَوْجَسَمِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ }(28) سورة الذاريات- يريدون إسحاق. هذا عبث لايليق ببحث جاد، ولغو لا يصحفي كتاب الله عز وجل.

وإنما الصحيح أن تؤصل أولا معني العلم الأعجمي في لغته، ثم تتلمس هذاالمعني نفسه في الآيات من القرآن التي تتحدث عن هذا الإسم، مصرحا به، أومكني عنه، أو محذوفا لدلالة السياق عليه ، وأنا زعيم لك بأنك ستجد هذاالمعني في كل علم، مرة واحدة علي الأقل، وهذا كاف. وحبذا لو تواتر هذاالترادف في أكثر من موضع، إذن لاستبان لك أن هذا الترادف لم يأت عرضا.

وحبذا أيضا لو أتيح لك ترجمة تلك الآية من القرآن إلي لغة ذلك الاسمالعلم، كي يتجلي لك كالشمس سطوعا تطابق اللفظين في تلك اللغة: الاسم العلمومعناه. من ذلك قوله عز وجل : {وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَىإِلَيْهِ أَخَاهُ } (69) سورة يوسف، وترجمتها الحرفية بالعبرية هي :“ويبؤو إل يوسف ويوسف إلاو أحيو”، ومرة أخري في قوله عز وجل : {فَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } (99) سورة يوسف،وترجمتها العبرية هي :” ويبؤو إل يوسف ويوسف إلاو أبوتاو” . في الترجمةالعبرية (والترجمة من عندي فلا ذكر لهذا في التوراة العبرانية ) تجد لفظة”يوسف” مكررة علي التلاصق - يوسف ويوسف - الأولي هي الاسم العلم يوسف عليهالسلام، أما يوسف الثانية فهي فعله (ترجمة”آوي” : فلما دخلوا علي يوسف آويإليه) فتستخلص أن القرآن يدلك علي معني اسم” يوسف” عليه السلام بفعل صدرمنه- الإيواء والاستضافة- كان بحق محور دوره عليه السلام في تاريخ بنيإسرائيل، وكأن الاسم يلخص لك هذا الدور أصدق تلخيص: كان يوسف لبني اسرائيلفي مصر نعم” الآوي- المضيف”.

ولكن علماء التوراة – وعلماء العبرية أيضا- يرون أن “يوسف” مشتق من جذرعبري آخر هو “سيف” الذي يفيد الإضافة بمعني الزيادة ، ولا يفيد الإضافةبمعني” الضيافة” ، فهو عندهم بمعني “يزيد” ، ربما لأن أم يوسف قالت في سفرالتكوين وهي تضعه إنها يوسف و “يزيدها” الله ابنا آخر. نعم، قد استجيبتدعوة راحيل فولدت ليعقوب وهي تجود بنفسها ابنا آخر هو” بنيامين” ( أي ابناليمن والسعد)، وكأنها وهي تسمي يوسف تريد معني يزيد. وليس لنا بالطبع-ولا لعلماء التوراة أيضا- ادعاء العلم بمقصد راحيل رضي الله عنها من تسميةمولودها “يوسف” – إن صح أنها هي التي سمته ولم يسمه أبوه - وإنما الذييعنينا من الاسم منطوقه ودلالته: النطق علي المعنيين (يزيد، يستضيف) فيالعبرية واحد، ولم يتسم باسم يوسف من العبرانيين قبل يوسف بن يعقوب أحد،ودلالة الاسم علي مسماه تصح بالمعني الذي تستخلصه من القرآن (يستضيف) ولاتصح بالمعني الذي يريده علماء التوراة (يزيد) ، لأن “يوسف” لم يكن أكثرالأسباط ألاثني عشر نسلا، ولكنه كان وحده لبني اسرائيل جميعا الآويالمضيف، والتسمية علي قصد النبوءة منتشرة كما تعلم في أعلام التوراة (أوفي سفر التكوين علي الأقل)، لا يكاد يخلو علم من النص علي أن التسمية تنظرإلي ما سوف يؤول إليه، والذي أفسر لك به اسم “يوسف” الآن مفيد لعلماءالتوراة في هذا الباب، ولكنهم لم يفطنوا إليه.

ويعنينا أيضا في هذا المقام التنبيه علي محذور ثان،وهو فرط الوثوق بما ورد في نصوص التوراة من تفاسير تبرر التسمية، فليستهذه التبريرات جزءا من وحي الله علي رسله، وإنما هي اجتهادات الكاتب الذييخطئ ويصيب، بعض هذه الاجتهادات متناقض مع نحو اللغة، فتحيل علي الله عزوجل أن يكون هو الموحي، وبعضه حشو مقحم يتعالم به الكاتب فيزل القلم،ويفتضح الجهل.

من ذلك ما تقرؤه في سفر التكوين (تكوين 11/1-9) من تفسير الكاتب لاسممدينة “بابل” فيقول علي لسان الله عز وجل:” وقال الرب هو ذا شعب واحدولسان واحد لجميعهم وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ماينوون أن يعملوه. هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتي لا يسمع بعضهم لسانبعض. فبددهم الرب من هناك علي وجه كل الأرض. فكفوا عن بنيان المدينة. لذلكدي اسمها بابل. لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض. ومن هناك بددهم الربعلي وجه كل الأرض”.

تصدي الكاتب هنا لما لا يعرف فتردي في أخطاء جسيمة لا تصح من كاتب وحي:أخطأ في حق التاريخ، فظن أن أهل بابل كفوا عن بناء المدينة فلم يكتملبناؤها، والواقع التاريخي أنها بنيت وحسن بناؤها، بل وكانت من أعظم مدائنالتاريخ. وأراد تفسير ظاهرة اختلاف لغات البشر، فوقع في خطأ علمي بين، لأنالناس لا تتباين ألسنتهم فيتفرقون ، وإنما يتفرقون فتتباين الألسنة. ولميكتف بهذا بل افتري علي الله عز وجل الغيرة من عباده الذين أتقنوا الصنعة، فبدد شملهم كيلا يتموا ما بدأوه، (تكوين 3/22-24)

كما افتري علي الله من قبل الخشية من أن يغافله آدم، الذي “صار كواحد مناعارفا الخير والشر. والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا (بعد أنأكل من شجرة المعرفة) ويأكل ويحيا إلي الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنةعدن ليعمل الأرض التي أخذ منها . فطرد آدم وأقام شرقي جنة عدن الكروبيمولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة”.

وهذا كله أدخل في باب الأساطير والقصص الشعبي، لا يصح في جنب الله عز وجل،فتقطع بأن هذا النص من عند غير الله ، لا يلزمك. أما خطأ الكاتب في جنباللغة، فقد توهم أن “بابل” من البلبلة، فبني علي هذا الوهم كل ما سبق.والصحيح أن “بابل” لفظة أكادية (أي بابلية- أشورية) أصلها “باب+ ايلو”تحورت في الآرامية إلي “باب + ايل”، أي “باب الله” ، وظنها الكاتبالعبراني من الجذر العبري” بلل” بمعني خلط واختلط، ضعف كما في “زل”،“زلزل” العربية ، فصار” بلبل” ، ولكن كيف تأتي “بابل” من “بلبل”؟ لايستقيمهذا بالطبع في نحو اللغة، فيضطر علماء العبرية رغما عنهم من بعد هذاالكاتب إلي افتراض ما لايصح افتراضه، وهوأن بابل كان أصلها بلبل؛ كل هذاولا يتوقف أحد ليتساءل : ولماذا يستعير البابليون اسما من العبرانيةلمدينتهم؟!

عليك أن تكون من هذه التخريجات وأمثالها علي حذر، فليست لها حجية النصوصالموحي بها. تقطع بهذا آمنا مطمئنا، لأن نسبة الخطأ إلي الله عز وجل لاتصح. بل ينبغي لك أن تؤصل معني العلم الأعجمي في لغة صاحبه غير متأثربتفاسير ساذجة أو مغرضة، كما رأيت من قبل في اختراع قصة زني لوط بابنتيهليكون لهما نسل من ماء الأب (مو + آب) فيكون منه الموآبيون، تشنيعا عليقبال الموآبيين بعد أن قهروا بني إسرائيل، رغم أن الموآبيين أسبق وجوداعلي الأرض من لوط وابنتيه. أو بتفاسير أملتها العقيدة من بعد.

كما تقرآ في إنجيل متي (متي 1/21-23): “فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنهيخلص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائلهوذا العذارء تحبل وتلد ابنا يدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا“. فتفهم أن الكاتب يفسر لك هذا الاسم العبراني” يشوع “بأن معناه “المخلص”، بل هذا هو ما تصر عليه كل المعاجم المسيحية، رغم تصادم الترجمة مع منطقاللغة العبرية، ولكنهم يقولون لك إن أصلها “يهي- يهي شوع “ اختزلت إلي“يشوع” ، فلا تفهم لماذا وكيف، ولا تفهم لماذا يتفرد عيسى عليه السلامبهذا التفسير المفتعل من دون كل “يشوع” قبله في بني إسرائيل وقد تسمي بهكثيرون، ولا تفهم أيضا لماذا يستدل متي بنبوءة النبي القائل بأن العذارءتحبل وتلد ابنا بدعون اسمه ”عما نوئيل” (الله معنا) وهو ينص في العبارةالسابقة علي أن اسم المولود سيكون ”يسوع”، وقد كذبت النبوؤة بهذا المفهوم،إن ابن مريم عليهما السلام دعي بالفعل يسوع، ولم يدع عمانوئيل... أيريد“متي” أن يعرض بأن هذا المولود هو “الله” ، صار جسدا وحل” بيننا” كما قاليوحنا في انجيله (يوحنا 1/14)؟ وإذا كان هو الله فكيف “يخلص شعبه” كما قالمتي آنفا؟ ألله شعب يختص به من دون البشر؟! إن صح هذا في عقيدة اليهود(شعب الله المختار) فهو لا يصح البتة في دين المسيح عليه السلام، الذي شددالنكير علي دعوي اختصاص”أبناء ابراهيم” بالخلاص، فقال إن الله عز وجل قادرعلي أن يخلق من الحجارة أبناء لإبراهيم، ولكن “متي” كما تعلم يهودي تنصر.إلي هذا ومثله يفضي التفسير بالهوي والتفسير بالعقيدة، أو التفسير بغيرعلم، وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله عند تحليل اسم عيسى عليه السلامفي موضعه.

أما المحذور الثالث،فهو أن تظن أن أعلام التوراة والإنجيل جميعا أعلام عبرانية، تفسر بالعبريةوحدها، غير ملتفت إلي الإطار الجغرافي التاريخي لصاحب الاسم العلم. فأنتلا تتصور مثلا أن يلتقط آل فرعون موسى من اليم، ثم يتكلفون تسمتيه تسميةعبرانية “موشيه” يمعني “اللقيط” (أو الممسو من الماء) وإنما المنطقي أنيتحدث آل فرعون فيما بينهم بالمصرية القديمة، فيسمون الذي عثروا عليه فيالتابوت باسم مشتق من لغتهم هم، ولا ينتظرون حتي تسميه أخته” التي قصته”،أو أمه التي صارت مرضعا له.

ولا تظن أيضا أن أم موسى رضي الله عنها ألهمت تسميته “موشيه” يوم وضعته أويوم قذفت به في اليم، تفاؤلا بما سيكون من أمر التقاطه من الماء، لو صحهذا لما أخطأت التسمية، ولما قالت “موشيه” علي الفاعلية (أي الماسي)، بللقالت “ماشوي” علي المفعولية (أي الممسو)، كي لا يحار من بعدها علماءالعبرية في تعليل سبب التسمية علي زنة الفاعل، لا علي زنة المفعول. عليكإذن أن تلتمس للفظ” موسى” معناه في لغة “آل فرعون” ، وستجد أن أصله “مسو”ومعناها “وليد” . وسيأتي.

من ذلك أيضا اسم مريم أم عيسى عليهما السلام. تجدها في أصول الأناجيلاليونانية مرسومة MARIAM بفتح الميم والياء ( أي بنفس نطقها في القرآن ).كما تجدها أيضا في تلك الأناجيل اليونانية مرسومة أحيانا MARIA “ماريا”محذوفة الميم في آخرها، علي غير علة من “الإعراب” في اللغة اليونانية .ولكن أحدا لم يتوقف ليتساءل لماذا فتح كتبة الأناجيل اليونانية “ميم” مريمولم يكسروها كما في “مريام” أخت موسى عليه السلام، بل أجمعوا علي أن مريمأم عيسى عليهما السلام سمية “مريام” أخت موسى (مكسورة الميم) التييفسرونها في العبرية من “التمري”، “الامتراء” . بل ذهب أدعياء الاستشراقإلي أن القرآن، بقوله في سورة مريم: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُقَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَمَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}(27-28) سورة مريم، يخلط بين مريم أم عيسى ومريام أخت موسى وهارون ،بدلالة تقريعهم إياها في القرآن بعبارة” يا أخت هارون؛”، أي ما كان يليقبك هذا وأنت من أنت ، أخت هارون؛ وسيأتي تفنيد هذا في موضعه إن شاء اللهعند تحليل اسم مريم عليها السلام. ولكن أحدا لم يلتفت إلي أن “الجليل” ،موطن مريم عليها السلام شمالي فلسطين، لم يكن عصر المسيح وقبله بثلاثةقرون علي الأقل يتكلم العبرية، بل كانت اللغة الفاشية علي ألسنة الناس هي“الآرامية “، بعد أن تورات عبرية التوراة في فلسطين منذ القرن الخامس قبلالميلاد، فلا تسمع إلا من حبر أو “رباني” (وهي ربوني” كما تقول الأناجيل)يقرآ من التوراة فلا يفهم منه إلا أن يفسر ما يقرؤه. وقد مر بك أن إصحاحاتكاملة من سفر”عزرا” (القرن الخامس قبل الميلاد) كتبت بالآرامية مباشرة.كما تقرآ في سفر “نحميا” ( معاصر عزرا) ما يلي: “وقرآوا في السفر في شريعةالله ببيان وفسروا المعني وأفهموهم القراءة” ( نحميا 8/Cool. وبهذه الاراميةنفسها كان كلام المسيح عليه السلام مع عشريته وحوارييه.

ولابد أن تتوقع لهذه الآرامية تأثيرا في نطق الأسماء الأعلام، بل وفيصياغة الأسماء الأعلام، علي الأقل بالنسبة لأعلام المسيحية الورادة فيالأناجيل ، فلا تستبعد أن “تبتكر” في بني إسرائيل عصر غلبة الآرامية عليألسنة الناس، أعلام آرامية التركيب والصياغة يستشكل تفسيرها بالعبرية ،ولا يفهم معناها إلا أن ترد إلي الآرامية التي اشتقت منها . من ذلك اسم“مريم” بفتح الميم البادئة لا يصح أن تكون الأناجيل اليونانية في رسمهامفتوحة الميم، والإنصاف يقتضي منك – وتوجب نزاهة البحث عليك- ألا تبادرإلي تخطئة كتبة الأناجيل في “تهجئة “الأسماء الأعلام خاصة، قبل أن تلتمسلهم العلة، فقد كانوا- ومنهم خلصاء المسيح وحواريوه- ينطقون تلك الأعلامعلي الوجه الذي به كتبت ، لاسيما والخط اليوناني لا يحتاج إلي الشكلوالنقط، بل تكتب “مريم” مثلا: ما- ري – ام MARIAM، لا شبهة في فتح ميمهاالبادئة. فهي إذن غير “مريام” العبرية ، أخت موسى وهارون ، من المراءوالمرية، ولا يجوز أيضا افتراض جواز كسر الميم وفتحها في “مريام” العبرية، لأن هذا غير جائز في نحو تلك اللغة. ولا يصح افتراض أنهم “لحنوا” في نطق“مريام” العبرية بتأثير “آرامي” لأن الآرامية لا تفتح مكسورا في العبرية،وإلا لفتحوا ياء “يشوع” اسم المسيح عليه السلام، وهو اسم عبري خالص، تسميبه قبله في بني إسرائيل أعداد لا تحصي . وإنما الذي يصح منك هو افتراضآرامية اسم مريم أم عيسى عليهما السلام، لا شأن لك بمريام أخت موسىوهارون.

ونحن في هذا البحث نفترض آرامية اسم مريم أم عيسى عليهما السلام، مفتوحالميم، لأنه لا يصح لدينا وجه في تفسير معناه إلا بافتراض آراميته. وهوعندنا اسم مزجي، مركب من عنصرين آراميين: “ماري + أما “، سهلت همزته، ثمرخم ، فأصبح “ماري+ م “، أي “مريم” (قارن “فاطمة” العربية التي ترخم“فاطم” ) . أما “ماري” فمعناها بالآرامية فهي نفسها “أمة” العربية، مؤنثالعبد، فهي عليها السلام “أمة الرب” . والذي يستوقف النظر أنها عليهاالسلام فسرت اسمها بهذا المعني نفسه فيما يرويه علي لسانها لوقا فيإنجليه، ولم يفظن إليه من قارئي هذا الإنجيل أحد : “فقالت مريم هو ذا أناأمة الرب. ليكن لي كقولك. فمضي من عندها الملاك” (لوقا 1/38)، ولو ترجمتعبارة “أنا أمة الرب” إلي الآرامية ، لغة مريم وعشيرتها ، لجاز لك أن تقولباللسان الآرامي: أنا لـ “ماري” أما، أي أنا للرب أمة . أما القرآن فيقول: “يا مريم اقنتي لربك” ومعني القنوت في العربية كما يقول معجمك العربي هو“الإقرار بالعبودية لله“كما تقرأ في القرآن في مناسبة تسمية مريم قوله عزوجل: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىوَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّيسَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَالشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍوَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } (36-37) آل عمران.

كانت أم مريم رضي الله عنهما في الآية 35 من سورة آل عمران قد نذرت ما فيبطنها للرب محرراً، أي خالصا لعبادته عز وجل، أي للخدمة في المعبد ،عابداً متحنفا، وكانت ترجوه ذكراً تهبه لله، وسألته عز وجل أن “يتقبلمنها”. وتنبئك الايتان 36و37 بأن المولود جاء أنثي علي خلاف رجائها فخشيتألا تصح نذرها بأنثى فقالت “رب إني وضعتها أنثي” ، وكأنها حين فوجئت قالت،“أمة يا رب أمة؛” ، وهي بالآرامية : “ماري؛ أما ؛” ، ولكن العالم بماوضعت” تقبلها بقبول حسن”، فهو عز وجل هكذا أراد وقدر، ليخرج منها عيسىعليه السلام، المولود لغير أب، مولوداً من عذراء لا تزن بريبة، كما قال عزوجل : { يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِعَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ} (42) سورة آل عمران.

******

أما من حيث ترتيب تناولنا لتلك الأسماء الأعلام علما علما، فقد كانت أمامنا خيارات ثلاثة:
الخيار الأول: أن نتناولها بترتيب “ألقبائي” ، أي بترتيب أوائلها علي حروفالمعجم العربي، فنبدأ بإبراهيم وننتهي بيحيي عليهما السلام مراعين ذاتالترتيب في أحرف الاسم التالية للحرف الأول، فيجئ بعد إبراهيم “إبليس”وبعد “إبليس” آدم، وبعد آدم “آزر” ، الخ.
الخيار الثاني : وهو تناول الأعلام بترتيب نوعها، كان نبدأ بأعلام الذات ، ونثني بأعملا الجنس، وننتهي بأعلام الموضع.
الخيار الثالث: وهو تناول تلك الأعلام بترتيبها التاريخي، فنبدأ بالملائكةوآدم، وننتهي بعيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه علي ملائكته ورسلهوأنبيائه ، غير مفرقين بين علم الذات وعلم الجنس وعلم الموضع، بل يجئ كلفي إطاره، فتجئ مثلا التوراة ومصر مع موسى، ويجئ هود مع عاد، وثمود معصالح، وشعيب مع مدين والجودي مع نوح، والإنجيل مع المسيح بن مريم.

وقد آثرنا في هذا الكتاب الأخذ بالخيار الثالث الذي يتناول الأسماءالأعلام بترتيبها التاريخي، لأن الخيار الأول- الألفبائي- وإن كان ييسررجوع القارئ إلي الاسم العلم بترتيبه “المفهرس” ، يعيبه أن ترتيب الأسماءالأعلام ترتيبا أصم علي حروف المعجم يقتطعها من إطارها الجغرافي-التاريخي- اللغوي، فتجئ توراة موسى العبرانية بعد إنجيل عيسى الآرامياليوناني، ويجئ عيسى آخر أنبياء بني اسرائيل قبل نوح خليفة آدم، بل وقبلأمه مريم رضي الله عنها. أما الخيار الثاني الذي يفصل بين علم الذات وعلمالجنس وعلم الموضع، فيعيبه أنه يقطع مثلا ما بين الإنجيل وصاحبه، وبينمدين ورسولهم ، وبين فرعون ومصر.

أما الخيار الثالث، الذي يحترم وحدة الأرض والتاريخ واللغة، ويراعيالتسلسل التاريخي للأسماء الأعلام، فهو في رأينا أفضل الخيارات الثلاثةجميعا، لأنه يضع الاسم العلم علي أرضه، وبين معاصريه ، حياً مشخصا، يفسربعضه بعضا كما سيأتي تفسير أعلام الجنس وأعلام الموضع في سياقها المناسب،أي في سياق تفسير أعلام الذوات المتصلة بها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elsalalmea.yoo7.com
 
من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن (4)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عائلة السلالمية :: رومانتيك اكاديمى(يحيي الشــــــــــاذلي) :: منتدى الشاذلى للغات والترجمة-
انتقل الى: